وعند وصولهم إلى أبوابنا فتحنا لهم أبواب العطاء الأوفر، وبدّلناهم بالتي هي أحسن وعوّضناهم الذي هو أكثر؛ وأفضنا عليهم من خلع القبول ما أنساهم مشقّة ذلك السّرى وشقّة السّير، وتلا عليهم لسان الإنصاف (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ
«١» وبعد ذلك ورد علينا كتاب بعض نوّابنا بالأطراف من أولاد قرمان، القائمين بمشارق ممالكنا على وجه الأمن وسعة الأمان، بأنّهم عند عودهم من سيس، ونصرتهم على حرب إبليس، استطردوا فأخذوا للكفر تسع قلاع، ما برحت شديدة الامتناع، لا تمتدّ إليها الأطماع؛ فتكمّل المأخوذ في هذه السفرة وما قبلها خمس عشرة قلعة، وبدّد الله شمل الكفر وفرّق جمعه، وآثرنا أن نعلم المقام العالي بلمحة مما لله لدينا من النّعم، ولبره من شارة يستدلّ بها على أثر أخلاف كالدّيم، ونطلعه على درّة من سحاب، وغرفة من بحر عباب، وطرفة نشرها كالمسك الذي ينبغي أن يختتم بها هذا الكتاب.
ونحن نرغب إلى المقام أن يواصل بكتبه المفتتحة بالوداد، المشتملة على النّصرة على أهل العناد، المشحونة بمواقع الفتح والظّفر التي تتضاعف إن شاء الله وتزداد، المحتوية على الطّارف من الإخلاص والتّلاد، المتّصل سببها بين الآباء الكرام ونجباء الأولاد، والله تعالى يجعله دائما لثمرات النصر من الرماح يجتني، ولوجوه الفتح من الصّوارم يجتلي، ويديم على الإسلام مزيد العزّ الذي يتجدّد كلّ آونة من طلائع رايات محمد وبدائع آراء علي «٢» ، بمنه وكرمه.