وهذه نسخة كتاب جواب إلى صاحب فاس حيث ورد كتابه بالتعرّض لوقعة «تمرلنك» من إنشاء مؤلّفه، كتب بذلك عن السلطان الملك الناصر «فرج بن برقوق» وهو.
عبد الله ووليّه السلطان الأعظم (إلى إخر ألقاب سلطاننا) أجرى الله تعالى الأقدار برفعة قدره، وأدار الأفلاك بتأييده ونصره، وأذلّ رقاب الأعداء بسطوته وقهره، وشحن الأقطار بسمعته وملأ الآفاق بذكره، يخصّ المقام العالي (إلى آخر الألقاب) : رفع الله تعالى له في ملكه الشامخ منارا، وجعل النصر والظّفر له شعارا، وأحسن بحسن مواتاته إلا لأهل الكفر جوارا، بسلام يفوق العبير عبيقه، ويزري بفتيق المسك الداريّ فتيقه، ويخجل الروض المنمنم إذا تزيّن بالبهار خلوقه، وثناء تكلّ الألسنة البليغة عن وصفه، ويعجز بناة المجد الأثيل عن حسن رصفه، وتعترف الأزاهر بالقصور عن طيب أرجه ومسك عرفه؛ وشكر يوالي الورد فيه الصّدر، ويحقّق الخبر فيه الخبر، ويشيع في الآفاق ذكره فتتّخذه السّمّار حديث سمر.
أما بعد حمد الله واصل أسباب المودّة وحافظ نظامها، ومؤكّد علائق المحبّة بشدّة التئامها، ورابط جأش المعاضدة باتّحاد وتناسب مرامها، ومجدّد مسرّات القلوب بتوالي أخبارها المبهجة عن عالي مقامها. والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل نبيّ رعى الذّمام على البعاد، وأكرم رسول قرن صدق الإخاء منه بصحّة الوداد، صلاة تبلّغ من رتبة الشّرف منتهاها، وتنطوي الشّقّة البعيدة دون بلوغ مداها؛ فإن ورد علينا على يد رسولكم فلان كتاب كريم طاب وروده،