عثمان الخائن الغادر، وابن أخيه العامل بعمله ثابت بن عامر، فتكنّفهم هنالك أولياء دولتنا العلية، فأوردوهم ويوسف ولد الشقيّ السالب حياض المنيّة، ونبذت بالعراء أجسامهم، وتقدّمنا للحين، بأن يمدّ على الرعيّة ظلّ التأمين، ويوطّأ لهم كنف التهدئة والتسكين، ويوطّد لهم مهاد العافية، وتكفّ عنهم الأكفّ العادية، حتى لا تمتدّ إليهم كفّ منتهب، ولا يلتفت نحوهم طرف مستلب، ومن انتهب شيئا أمر بردّه، وصدّ عن قصده- وكمل لنا والحمد لله بالاستيلاء على هذا القطر جميع البلاد، الداخلة في ولاية بني عبد الواد، ونسخت منها دولتهم، ومحيت من صحيفتها دعوتهم، وعوّض الرّعايا من خوفهم أمنا، ومن شؤمهم يمنا، وشملتهم كلمتنا الراقية، المنصورة بكلمة الله الباقية، وفي ذلك معتبر لأهل اليقين، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين.
والحمد لله على هذه النعمة التي أفاضت على النّعم جلالا، والصّنيعة التي بهرت الصنائع جمالا، وأضفت على المسلمين من الصّلاح والعافية سربالا. وقد رأينا من حقّ هذا الإنعام الجسيم، والصّنع الرائق الوسيم، أن نتبع العفو بعد المقدرة، بالإحسان لمن أسلف لنا غمطه «١» أو شكره، [فمننّا]«٢» على قبائل بني عبد الواد، وأضفينا عليهم صنوف الملابس نساء ورجالا، وأوسعنا لهم في العطاء مجالا، وأفعمنا لهم من الحباء سجالا، وأقطعنا لهم من بلاد المغرب حاطها الله تعالى ما هو خير من بلادهم، وحبوناهم منها بما كفل بإحساب مرادهم، وإخصاب مرادهم، وخلطناهم بقبائل بني مرين، وحطناهم باتّحاد الكلمة من تقوّل المتقوّلين، وتزوير المزوّرين، وأعددنا منهم لأوان الجهاد أوفر عدد، وأعتدنا من فرسانهم ورجالهم لطعان الأعادي أكبر مدد، وأزيل عن الرّعايا بهذه البلاد الشّرقيّة إصرهم «٣» ، وأزيح عنهم بتوخّي العدل فيهم جورهم ووزرهم، وخفّفنا عنهم ما آد