وإراقة الدّما، وإثارة الدهما؟ فاتّقوا الله وارجعوا، وتأملوا وراجعوا، وتبصّروا واستبصروا، وقد أوضح لكم أمير المؤمنين المحجّة، وبدأكم بالحجّة، فأوجدوه السبيل إلى ما ينويه لكم ولكافة أهل الإسلام، من حقن الدماء، وصيانة الحريم، وتحصين الأموال، وشمول الأمن والأمان، وأجيبوا عن كتابه هذا بما يوفّقكم الله تعالى [إليه] ، من إجابة دعائه والعمل برأيه، إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة ما كتب به عبد الحميد إلى بعض من خرج عن الطاعة، وهو:
أما بعد: بلغني كتابك تذكر أنك تحمل المرد على الجرد، فسترد عليك جنود الله المقرّبون، وأولياؤه الغالبون، ويرد عليك مع ذلك حزبه المنصور من الكهول، على الفحول، كأنّها الوعول، تخوض الوحول، طوال السّبال، تختضب بالجربال، رجال هم الرجال، بين رامح وناشب، ليس معهم إلّا كلب محارب، ولا ينكلون عن الأصحاب، قد ضروا بضرب الهام، واعتادوا الكرّ والإقدام، ليسوا بذوي هينة ولا إحجام، يقضون بالسيوف، ويخالطون الزّحوف، في أعنّتهم الحتوف، يزأرون زئير الأسود، ويثبون وثوب الفهود، ليس فيهم إلا شاك محتبك، في الحرب مجرّب، قد شرب على ناجذ الحرب وأكل، ذو شقشقة «١» وكلكل «٢» ، كأنّما أشرب وجهه نقيع الحنّاء، قد رئم الحرب ورضعها، وغذّته وألفها، فهي أمّه وهو ابنها، يسكن إليها ويأنس بقربها، فهو بطلبها أرب، وعلى أهلها حرب، لا يروعه ما يروع، ولا يزيغه ما يزيغ الغمر الجبان، حين