يشتدّ الوغى، وتخطر القنا، وتقلّص الشّفاه، وتسفر الكماه، فعند ذلك تسلمك المرد، وتكشف عن الجرد. فتأهب لذلك اّهبتك، واخطب له خطبتك، من المساكين والحوكة «١» ، ثم كيدوني جميعا فلا تنظرون؛ فما أسرنا إكثارك الجموع، وحشدك الخيول، فإنك لا تكثّف جمعا، ولا تسرّب خيلا، إلّا وثقنا بأن سيمدّنا الله من ملائكته، ويزيدنا من نصره، بما قد جرت به سنّته، وسلفت به عادته، ونحن نجري من ذلك على نقمات من الله ونكال وسطوات مهلكة، فرأيتم ذلك في المنازل، وعرفتموه في المواطن التي يجمعها الحقّ والباطل، فأبشر منا بما ساءك ضجرا، ومشّاك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش.
ومن أحسن الكتب المكتتبة في هذا الباب ما كتب به قوام الدّين (يحيى بن زيادة) وزير أمير المؤمنين الناصر لدين «٢» الله الخليفة ببغداد إلى (طغرل) مقطع البصرة بأمر الخليفة له في ذلك، وقد بلغه أنه نزح عنها، قاصدا بعض الأطراف، مفارقا لطاعة الخليفة، عندما طلب من ديوانه شيء من المال، فأوجب ذلك انثناءه عن عزمه وتوجّهه إلى بغداد داخلا تحت الطاعة، ومقابلته بالصّفح وتلقّيه بالقبول.
وهذه نسخته:
أصدرت هذه الخدمة إلى الجناب الكريم، الأميريّ، الاسفهسلاريّ،