للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلكت إلى ذلك الحصن أعلى مرقى، والسّعادة قد بدّلت بيعه مساجد ومحاريبه قبلة وكانت شرقا، فأصبح يرفل في حلل الإيمان، وأذعن بالطاعة فأخرس جرس الجرس به صوت الأذان، إن شاء الله تعالى.

[ومن ذلك] ما يكتب به في التّعازي إلى الخلفاء:

وقد تقدّم في الكلام على التّهنئة بولاية الخلافة، أنه كما ينبغي أن لا يهنّأ الخليفة بالخلافة إعظاما، فكذلك ينبغي أن لا يعزّى في مصابه، إلّا أنه ربّما دعت ضرورة الكاتب إلى ذلك؛ لإكرام بعض أخصاء الخليفة إياه بالكتابة بذلك إلى الخليفة. ولا يخفى أن الحال في ذلك تختلف باختلاف المعزّي، من والد أو ولد أو غيرهما.

[وهذه نسخة مكاتبة في معنى ذلك] «١» ذكرها في «موادّ البيان» وهي:

أما بعد، فإن الله تعالى جعل خلافته لخلقه قواما، ولبريّته نظاما، وجعل له خلفاء يدّخرهم لميراثها، ويختصّهم بتراثها، فإذا انقضت مدّة ماضيهم، لما يريده الله من استدنائه إلى مقرّ خلصائه، نقلها إلى نوره باصطناعه واصطفائه.

والحمد لله الذي قصر خلافته على أمير المؤمنين وآبائه، وجعل منهم زعيمهم الماضي الذي كانت بيديه مواريثها، والآتي الذي صار إليه [تراثها] .

والحمد لله الذي ختم لأمير المؤمنين المنتقل إلى دار الكرامة بأفضل الخاتمة وأحسن له الجزاء عن السّعي في الأمّة، وأنعم باستخلاص أمير المؤمنين لإمامة خليقته، وحياطة سريعته، وحماية بلاده، وسياسة عباده، ولوراثة تراث آبائه وأجداده، وجعل الماضي منهم مرضيّا عنه، والآتي مرضيّا به، وأعتدت الرّعيّة من عدل أمير المؤمنين ما جبر كسرها في خليفته، وصبرها في رزيّته، وهو المسؤول أن يلهمه على المصيبة في سلفه الطاهر صبرا، وعلى ما أخلفه عليه في تأهيله لخلافته التي لا كفاء لها شكرا، بمنّه وفضله إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>