يحمده أمير المؤمنين على أن أوضح بآبائه الأئمة سبل الحقائق، فأصبحوا خلفاء الخالق وأئمّة الخلائق، وخوّله ما اختصّهم به من الإمامة، ورفعه بها إلى أشمخ منازل العلا وأرفع مواطن الكرامة، ويستمدّه شكرا يوازي النّعم الّتي أثبتت [له] على سرير الخلافة وسرّها قدما، وصبرا يوازن الفجيعة الّتي قلّ لها فيض المدامع دما.
ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد الذي فضّ بجهاده جموع الإلحاد، وحصد باجتهاده من مال عن الهدى وحاد، وصدع بما أمر به حتّى عمّ التوحيد، ودانت لمعجزاته الأمم وقد دعاها وهو المفرد الوحيد، ولم يزل مبالغا في مرضاة ربّه، حريصا على إظهار دينه بيده ولسانه وقلبه، حتّى استأثر به وقبضه، وبدّله من الدنيا شرف جواره وعوّضه، وأصاره إليه أفضل نبيّ بصّر وبشّر، وأحيا دين الله وأنشر، وعلى أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب إمام الأمّة، وأبي الأئمّة، وقدوة السعداء، وسيّد الشّهداء، وعاضد الدّين بذي الفقار، ومن لم يزل الحقّ إلى ذبّه شديد الافتقار، صلّى الله عليه وعلى آبائه والأئمة من ذرّيّتهما الذين أيقظوا العقول بإرشادهم من السّنة، وأفاضوا من العدل والإحسان ما ألهج بتمجيدهم الألسنة.
وإنّ الإمام الفلانيّ لدين الله أمير المؤمنين كان وليّا لله شرّفه الله واستخلصه، وأفرده بإمامة عصره وخصّصه، وفوّض إليه أمر خلافته، وأحلّه محلّا تقع مطارح الهمم دون علوّه وإنافته، فقام بحقّ الله ونهض، وعمل بأمره فيما سنّ وفرض، وقهر الأعداء بسطواته وعزائمه، وصرّف الأمور بأزمّة التدبير وخزائمه، وبالغ في الذّبّ عن أشياع الملّة، واجتهد في جهاد أعداء القبلة، ووقف على مصلحة العباد والبلاد أمله، ووفّر على ما يحظي عند الله قوله