العبادات والمعاملات على أفضل تقديرها، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والعدل قائم، والشرع على القوي والضعيف حاكم، والربّ جلّ جلاله بما تخفي الصدور عالم، وقام بعده الخلفاء الأربعة أركان الدّين، وأعضاد الحقّ المبين، يحملون الناس على سننه الواضح، وينفّذون أمور المصالح، ويتفقّهون في الأحكام وقوفا مع الظاهر وترجيحا للراجح، وكانوا يتوقّفون في بعض الأحيان، ويطلبون للشّبه وجه البيان، ويستظهرون على تحقيق كثير من الوقائع بالأيمان، حتّى كان عليّ كرم الله وجهه يستثبت في الدّراية، ويستحلف الراوي على الرّواية، وما أنكر ذلك أحد، ولا أعوزه من الشرع مستند، رضي الله عنهم أئمة بالعدل قضوا، وعلى سبيله مضوا، والسّيرة الجليلة تخيّروا وارتضوا، وعن سيد الأنام، ومستنزل درّ الغمام، عمّ نبيّنا عليه أفضل الصلاة والسّلام، الحامي الحدب، والمعقل الأشب «١» ، والغيث الهامل المنكسب، أبي الفضل العبّاس بن عبد المطّلب، وعن الفائزين بالرّتبة الكريمة، والصّحبة القديمة، والمناقب العظيمة، بدور الظّلام وبحور الحكم، وصدور أندية الفضل والكرم، وسائر صحابه عليهم السّلام الذين أسلموا على عمره «٢» ، وأسلفوا جدّا في نصره، وأدركوا من بركة عيانه وزمانه ما لا مدرك لحصره، كرّم الله مآبهم، وأجزل ثوابهم، وشكر لهم صبرهم واحتسابهم، فلقد عقدوا نيّة الصّدق عند قيامهم لأداء فريضة الإطاقة، واستباحوا صلاة الشكر حين رفعوا حدث الرّدّة وأراقوا سؤر «٣» الشّرك وقد استحقّ بنجاسته الإراقة، وابتزّوا كسرى زينته فأبرزوها على سراقة، فرأوا عيانا ما أخبر به سيد المرسلين، وملكوا ما زوي له منها فاطّلع عليه بحقّه المبين، وذهبوا فأظلمت الأرض من بعدهم، وتنكّرت المعارف لفقدهم، واختلط الهمل والمرعيّ، وتشابه الصّريح والدّعيّ، وثارت الفتن من كل