جانب، وصارت الحقوق نهبة [كل] ناهب، ولمّا برحت «١» العهود، وتعدّيت الحدود، بلغ الوقت المحدود، وطلعت ببياض العدل الرايات السّود، تحتها سادات الناس، وذادة موقف الباس، وشهب اليوم العماس «٢» ، ونجب البيت الكريم من بني العبّاس، فأعادوا إلى الأمر رونقه، ونفوا عن الصّفو رنقه، وحموا حرم المسلمين، وأحيوا سنّة ابن عمّهم سيّد المرسلين، فأصبحت الأمور مضبوطة، والثّغور محوطة، والسّبل آمنة، والرعيّة في ظلّ العدل والأمن ساكنة، وكان الناس قبلهم قد ركبوا الصّعب والذّلول، وامتطوا الحزن والسّهول، فوثقوا منهم بطاعتهم، واستحلفوهم على بيعاتهم، ذلك بأنهم ألزموهم منها واجبا على القطع، لازما بإلزام الشّرع، ووجدوا لمصلحة الارتباط بالأيمان شواهد من الآثار المنقولة، والأصول المقبولة، ومن أعطى من نفسه كلّ ما عليها، وراعى جملة المصالح وكلّ ما تطرّق إليها، فكيف لا يكون في سعة من هذا التكليف المستند إلى الآثار الشرعية، الداخل في أقسام المصالح المرعيّة؟ كما سلف من الأئمة المهتدين، آباء أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين، ابن عمّ سيّدنا وسيّد المرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين.
لمّا دعا الناس بالمملكة الفلانيّة حماها الله إلى حجّتهم القويّة، وإمرتهم الهاشميّة، مجاهد الدين، بسيف أمير المؤمنين، جمال الإسلام، مجد الأنام، تاج خواصّ الإمام، فخر ملوكه، شرف أمرائه، المتوكّل على الله تعالى أمير المسلمين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود، أسعد الله أيامه، ونصر أعلامه، وقام لذلك متوحّدا المقام الكريم، مشمّرا عن ساعد التّصميم،