وكانت شجرتنا المباركة قد امتدّ منها فرع تفرّسنا فيه الزيادة والنموّ، وتوسّمنا منه حسن الجنى المرجوّ، ورأينا أنّه الهلال الذي قد أخذ في ترقّي منازل السّعود إلى الإبدار، وأنه سرّنا الذي صادف مكان الاختبار له مكان الاختيار، فأردنا أن ننصبه في منصب أحلّنا الله فسيح غرفه، ونشرّفه بما خوّلنا الله من شرفه، وأن تكون يدنا ويده تلتقطان من ثمره، وجيدنا وجيده يتحلّيان بجوهره، وأنّا نكون للسلطنة الشريفة السمع والبصر، وللملكة المعظّمة في التناوب بالإضاءة الشمس والقمر، وأن تصول الأمّة منّا ومنه بحدّين، ويبطشوا من أمرنا وأمره بيدين، وأن نرتّبه على حسن سياسة تحمد الأمّة- إن شاء الله تعالى- عاقبتها عند الكبر، وتكون الأخلاق الملوكية منتشئة منه ومنتشئة به من الصّغر، ونجعل سعي الأمّة حميدا، ونهب لهم منه سلطانا نصيرا وملكا سعيدا، ونقوّي به عضد الدين ونريش جناح المملكة، وننجح مطلب الأمة بإيالته وكيف لا ينجح مطلب فيه بركة؟.
وخرج أمرنا، لا برح مسعدا ومسعفا، ولا عدمت الأمة منه خلفا منبلا «١» ونوءا محلفا، بأن يكتب هذا التقليد لولدنا السعيد ناصر الدين «بركة خاقان محمد» جعل الله مطلع سعده بالإشراق محفوفا، وأرى الأمّة من ميامنه ما يدفع للدّهر صرفا ويحسن بالتدبير تصريفا- بولاية العهد الشريف على قرب البلاد وبعدها، وغورها ونجدها، وقلاعها وثغورها، وبرورها وبحورها، وولاياتها وأقطارها، ومدنها وأمصارها، وسهلها وجبلها، ومعطّلها ومغتلّها، وما تحوي أقطاره الأحلام، وما ينسب للدولة القاهرة من يمن وحجاز ومصر وغرب وسواحل وشام بعد شام، وما يتداخل ذلك من قفار ومن بيد في سائر هذه الجهات، وما يتخلّلها من نيل وملح وعذب فرات «٢» ، ومن يسكنها من حقير وجليل، ومن يحلّها من صاحب رغاء وثغاء «٣» وصليل وصهيل، وجعلنا يده في ذلك كلّه المبسوطة،