الظافريّ العادليّ، أدام الله به الإمتاع، وعضّده وأحسن عنه الدّفاع، الذي هو فخر الملوك ونجلهم، وأثراهم من المفاخر وأجلّهم، وأقدمهم في الرياسة قدما وأعرقهم، وأطيبهم أرج ثناء وأعبقهم- ما جعلك أعلى الأعيان مفخرا، وأكرم الجواهر عنصرا، وأولاهم بآلاء أمير المؤمنين وعطائه، وأسبقهم في مضمار اختياره واجتبائه، وأثبتهم عنده مكانة، وأحراهم في خدمه بتأدية الأمانة؛ وقد عرف من مواقفك المشهودة، ومقاماتك المحمودة، ما كان منك في نوبة ابن مصّال «١» وجموع ضلاله، وما استفاض من كونك سبب انهزامه وانفلاله، وانقلاب تدبيره عليه وانعكاسه، والتفريق بين جسده وراسه، وحصل لك بذلك من إحماد أمير المؤمنين ما لا يبلغ الوصف مداه، إذ كان قد جرّد سيف نصر والدك الأجل المظفّر وأنت حدّاه، رأى أمير المؤمنين- وبالله توفيقه- أن لا يضيّع ما فيك من جوهر مكنون، ولا يرجع في أمر نباهتك إلى ما تدل عليه السّنون؛ إذ كنت للكمال مع فتاء السّنّ حائزا، وبمزيّة اصطناع أمير المؤمنين واختياره إيّاك فائزا؛ وفاوض السيد الأجلّ العادل- أدام الله قدرته- في تشريفك بولاية يكشف بها شفوف جوهرك، ويوضّح لكافّة البريّة بما شرتك إيّاها ما استقرّ عنده من جميل مختبرك، ووقع التعيين على تقليدك ولاية مصر وما مع ذلك من الصّناعتين وغير هما من حقوقهما، فأمضى أمير المؤمنين ذلك لما لهذه الولاية من الحظوة بالقرب والدّنوّ، وليوفّر على الإيثار على أن يبلّغ نظرك إلى غايات العلوّ والسموّ، وخرج أمره إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجل بتقليدك الخدمة المذكورة: علما بانتظام شؤونها بإيالتك، وحياطة حوزتها بسطاك ومهابتك، وتحقّقا أنّ بسياستك تعمّها المصالح، وتتظاهر عليها الميامن والمناجح، وتظهر لها الحجة في الافتخار، على سائر