كف الباطل الغروب، وأشرقها شمسا لا تتوارى بحجاب الغروب، وأقواها سلّة في تنفيذ حكم حقّ إذا ضعف الطالب والمطلوب، وأنقاها صحيفة بما أودعها من نور العمل المكتوب، وأبداها زهدا في دنياه إذا أنموا بوعدها الكاذب أمل إيتائها المكذوب، وأدومها مصاحبة لشكر لا يستقلّ به رفيقها المصحوب، وأقومها طريقة في الحسنات فما طريقه إلى الحوب بملحوب «١» ، وأقواها طمأنينة قلب إلى ذكر الذي تطمئنّ به القلوب، وأنهضها عزما بما أعيا الهمم من تكاليف الطاعة وآد «٢» بسمع وبصر وفؤاد، وأقدرها على مجاهدة الشهوات أشدّ الجهاد وأنظرها لنفسه في تحصيل عمل يشهد له يوم قيام الأشهاد، وأمهدها لجنبه وذخائر التقوى نعم المهاد.
وإلى اليقين «٣» الذي ظهرت شواهده، والعمل الذي جمعت إليك شوارده، والدّين الذي صفت إليك موارده، والعلم الذي هبّت بمذاكرتك رواكده، والفهم الذي تظاهرت بمناظرتك مراشده، والنظر الذي ألقى فرسان الجدال بالجدالة «٤» ، والأثر الذي يقضى به عليك بالعدالة، والمحاماة عن الحقّ بما يقضي لمخالفه بالإذالة ولمؤاليه بالإدالة، والإرشاد الذي ما بدا لفهم الشاكّ إلا بدا له، والفتيا التي ضربت ثبج الباطل بسيوفها، وحلّت مسامع المستفيدين بشنوفها، والجلالة التي لا يملّ مسموع أوصافها، والعدالة التي لا يملّ «٥» مشروع إنصافها؛ وكم ليلة أغمدت ظلامها في نور التهجّد والناس هجود، وسكّنت جفون مناقبها بيقظات السّجود، وأنشأت الخشية غمامها فاطفأت بماء الدمع النار ذات الوقود، وبلغت رياضة الجوارح التي تريد ورياض القلب التي ترود، فأسفر الصبح منك عن سار واقف، واستسرّ لك القبول عن أنس خائف، وتأرّجت أنفاس الأسحار