باستغفارك، وتمّ عنوان السّجود بأسرارك، وابيضّت شية «١» الليل بحلى آثارك، واكتنفتك الطّهارة حتّى كأنّك مصحف، وأرهفتك الديانة حتّى كأنك مرهف، وحالفتك الرّكانة «٢» وكأنك مع سلامة الخلق أحنف «٣» ، وثقّفتك السّنّ فأبقت منك ما أبقت من سنان المثقّف، وعرفتك الأحكام بأنك ماض على الحقائق عند الشّبه تتوقّف، وألفتك النزاهة فشهد عدول أن نكرة المطامع عندك لا تتعرّف، وصرفتك النزاهة عن دنيا إن كانت عرائسها تزفّ فغدا مواردها تنزف، واستشرفتك المنازل التي لا تزال بأعناق الأشراف تستشرف؛ وما رأست، حتى درست، ولا تنبّهت، حتى تفقّهت، ولا أقنيت حتى أفنيت المحابر، ولا تصدّرت حتّى تصبّرت على كلف تغلب الصابر؛ فما حاباك من حباك، ولا قدّمك حتّى علم أن سواك ما ساواك؛ فرياستك لم تكن فلتة، واستشراف وجه الرياسة لك لم يكن لفتة، بل تنقّلت متدرّجا، وأثنى عليك لسان حقيقة ما كان متلجلجا؛ ولو أقعدك حسبك أو أباك «٤» ، لقبلك المجد وما أباك؛ فكيف ولك نفس بنت لك الشرف الخالد، وجمعت الطريف منه إلى التالد، ولم تقنع بما ورثت من تراث رياسة الوالد.
والسيد الأجلّ الذي أعاد إلى الدولة رونق نضارتها، بعد رونق إضارتها، وأفاضت عليه حيا إشارتها، وأضافت إليه نصّ إشارتها، واعطته السعادة أفضل إمارتها، بما أعطته من فضل وزارتها، واشتملت معاني النّجاح من صفحة بشره التي عجّلناك الآمال ببشارتها، وأقرّت حركاته الخلافة في دارها والأنوار في دارتها، وقصّرت مهابته أيدي الأعداء بعد استطالتها، وأخمدت نارهم بعد استطارتها،