والمتصرّفون الذين هم أيدي الشريعة التي تشخص الخصوم، ويستعان بهم على قمع الظّلوم ونفع المظلوم، فتخيّر أن يكون أكبرهم من أهل طبقته، وأمدّهم تحسينا لسمعته وتحصينا لأمانته.
هذا عهد أمير المؤمنين إليك فاهتد بهديه، وقم بفرض رعيه وحقّ وعيه، وكريم سعي الآخرة أحسن سعيه، وتصرّف بين أمر الحقّ ونهيه؛ والله سبحانه يبلّغك من مناجح أمرك، ما لا تبلغه بمطامح فكرك، وييسر لك من بديهة الإرشاد، ما تعجز عنه رويّة الارتياد؛ فاعلم هذا من أمير المؤمنين ورسمه، واعمل بموجبه وحكمه، إن شاء الله تعالى.
ومن ذلك ما أورده عليّ بن خلف الكاتب في كتابه «موادّ البيان» في سجلّ بالدعوة للدولة والمشايعة لها، والموافقة على مذهبها، وهو:
الحمد لله خالق ما وقع تحت القياس «١» والحواس، والمتعالي عن أن تدركه البصائر بالاستدلال والأبصار بالإيناس «٢» ، الذي اختار الإسلام فأظهره وعظّمه، واستخلص الإيمان فأعزّه وأكرمه، وأوجب بهما الحجة على الخلائق، وهداهم بأنوارهما إلى أقصد الطرائق، وحاطهما بأوليائه الراشدين شموس الحقائق، الذين نصبهم في أرضه أعلاما، وجعلهم بين عباده حكّاما، فقال تعالى: