للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كنت أيّها القاضي لهذه الخلال جامعا، وإلى المراشد مصغيا سامعا، ولبلوغ ما ناله أسلافك بالمناصحات راجيا طامعا؛ ولك فيما يسند إليك نظر يدلّ على صواب آرائك، وفيما يردّ إلى تولّيك كفاية تميّزك على نظرائك؛ ولمّا ندبت للأحكام الشرعية، أبنت عن الديانة والألمعيّة، وحين باشرت الأعمال الدّيوانيّة، نصحت واجتهدت وأخلصت النّية؛ والذي بيدك يتمسّك بك، ويتعلّق بسببك، لأنك لما استكفيته نهضت وأحسنت، فلذلك يأبى أن يكلّفه غيرك وأن لا يتكفّله إلا أنت- تقدّم فتى مولانا وسيدنا بكتب هذا المنشور بتجديد نظرك فيما هو بيدك من النيابة في الحكم العزيز بثغر دمياط- حماه الله تعالى- والمشارفة على الأحباس به، وعلى مستخرج الجوالي فيه، تقوية لعزمك، وإمضاء لحكمك، وشدّا لأزرك، وتأكيدا لأمرك، وإنفاذا لقولك، وبسطا ليدك، وإيضاحا لميزتك، وإظهارا لتكرمتك، وإبانة عن حسن النّية وإعرابا عن جميل الرأي فيك؛ فاجر على رسمك وعادتك، واستغن بما أودعته تقاليدك من الوصايا، واستمرّ على نهجك الذي أفضى بك إلى أحمد الأفعال وأجمل القضايا، وارتبط النعمة عندك بتماديك على عادتك، وتوسّل بمشكور السعي إلى نموّ حظّك ووفور زيادتك؛ فاعلم هذا واعمل به، إن شاء الله عز وجل.

ومن ذلك نسخة سجل بالحكم بالأعمال الغربية، وهي:

من كان بالعلوم الدينيّة قؤوما، وفي الأمور الشرعيّة ممّن يشار إليه ويومى، وظلّ من يجاريه من طبقته قليلا إذا لم يكن معدوما، وعلم نفاذه الذي سلم من المناقضة فيه والاختلاف، وعرف اعتماده الواجب من غير ميل عنه ولا انحراف، وكان لشمل الديانة والأمانة مؤلّفا جامعا، وغدا الوصف بجميل الخلال وحميد الأفعال عنه مسموعا ذائعا؛ وآثاره في كل ما يتولّاه مدّاحه وخطباؤه، وسفراؤه في الرّتب الجليلة نزاهته وظلف نفسه وإباؤه- صارت الأحكام بنظره مزهوّة، وأضحت الخدم الخطيرة تتوقّع بإسنادها إليه استظهارا وقوّة؛ فهي تتشوّف إلى أن يوليها حظّا

<<  <  ج: ص:  >  >>