للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من محاسنه يكسبها نضرة وبهاء، وتتصدّى من نظره فيها لما يضمن لها إدراكا للإرادة وبلوغا إليها وانتهاء.

ولما كنت أيّها القاضي حائزا لهذه الصفات، محيطا بما اشتملت عليه من الأدوات، سالكا أعدل طريق في الأمور إذا أشكلت، عاملا بقضايا الواجب إذا اعتمدت الإقبال عليك واتّكلت؛ ولك الخدمة السنية، التي لا تطمح إليها كل أمنيّة، والرتب الرفيعة التي لا ينالها إلّا من كان عمله موافقا لصادق النيّة؛ وكلّ ما تباشره يغتبط بك ويأسى على فراقك، وكلّ ما حظر على غيرك مباح لك لاستيجابك له واستحقاقك؛ فمن العدل أن تكون كفايتك على الأعمال مقسّمة، وأن تكون آثارك في كل ما تعانيه من أمور المملكة علامة لك عليها وسمة؛ وكانت الخدمة في الحكم بالغربية من التصرفات الوافية المقدار، السامية الأخطار، التي لا يسمو كلّ آمل إليها، ولا يحدث كل أحد نفسه بتولّيها؛ وقد اشتهرت خبرتك بالأحكام، وحفظك فيها للنّظام، وبتّك للقصص المشكلة، ورفعك للنّوب المعضلة- فرأينا استخدامك نائبا عن القاضي الأعزّ الماجد في الصّلاة والخطابة والقضاء بالأعمال الغربية المقدّم ذكرها: إذ كنت تعدل في أحكامك، ولا تخرج عن قضايا الصواب في نقضك وإبرامك، ولا تحابي في الحق ذا منزلة، ولا تنفكّ معتمدا ما يقضي لك بالميزة المتأكّدة والرتبة المتأثّلة، وأمرنا بكتب هذا المسطور شدّا لأزرك، وتشييدا لأمرك، وإيراء «١» لزندك وتقوية لعزمك، وضمّنّاه ما تقدّم ذكره من وصفك وشكرك، وتقريظك وإجمال ذكرك، والثناء على علمك، والأبانة عن قضيّتك في قضائك وحكمك؛ فاعمل بما اشتمل عليه التقليد المكتتب لك من مجلس الحكم العزيز وانته إلى ما أودع من فصوله، وكن عاملا بمضمونه متّبعا لدليله؛ والله يوفّقك ويرشدك، ويعينك ويسدّدك؛ فاعلم هذا واعمل به، إن شاء الله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>