بها من عرف بحسن السّيرة عند السّبر، ومن لولا خرق العوائد لأجاب بالشّكر والثناء عليه صاحب ذلك القبر كلما قال:«قال صاحب هذا القبر» - حسن بهذه المناسبة أن لا ينتصب في هذا المنصب إلا من يحمد هذا السيد الإمام جواره، ومن يرضيه منه- رضي الله عنه- حسن العبارة، ومن يستحقّ أن يتصدّر بين نجوم العلماء بدارة تلك الخطّة فيقال قد جمّل الله به دارة هذا البدر وعمّر به من هذا المدرّس داره، الذي يفتقر إلى تنويل نعمه، وتنويه قلمه، من الأئمة كلّ غني، ويعجب ببلاغة خطبه، وصياغة كتبه، من يجتلي ومن يجتني، ومن يهنا المستفيدون من عذوبة ألفاظه وصفاء معانيه بالمورد الهني، ومن إذا سحّ سحابه الهطّال اعترف له بالهموّ والهمول المزني، والذي لسعد جدّه من أبيه ليث أكرم به من ليث وأكرم ببنيه من أشبال!، وأعزز به من فاتح أبواب إشكالات عجز عن فتحا القفّال!، ومن إذا قال سكت الناس، ومن إذا قام قعد كلّ ذي شماس، وإذا أخذ بالنصّ ذهب الاقتياس، وإذا قاس قيل هذا بحر المذهب المشار إليه بالأصابع في مصره جلالة ولا ينكر لبحر المصر الإشارة بالأصابع ولا القياس، ومن يزهو بتقى قلبه ورقى جوابه لسان التعويل ولسان التعويذ، كما يميس بإحاطته وحياطته قلم الفتوى وقلم التنفيذ، ومن يفخر به كلّ عالم مفيد إذا قال: أنا بين يديه طالب وأنا له تلميذ، ومن حيثما التفتّ وجدت له سؤددا جما، وكيفما نظرت رأيت له من هنا وزارة، ومن هنا خطابة، ومن هنا مشيخة، ومن هنا تدريسا ومن هنا حكما!!!؛ فهو الأصل ومن سواه فروع، وهم الأثماد وهو الينبوع، وهو مجموع السيادة، المختار منه الإفادة، فما أحسنه من اختيار وما أتمّه من مجموع. وكان قاضي القضاة، سيّد العلماء، رئيس الأصحاب، مقتدى الفرق، قدوة الطوائف، الصاحب تقيّ الدين «عبد الرحمن» ولد الصاحب قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز أدام الله شرفه، ورحم سلفه، وهو منتهى رغبة الراغب، ومشتهى منية الطالب، ومن إذا أضاءت ليالي النّفوس بأقمار فتاويه قيل (بياض العطايا في سواد المطالب) ، ومن تتّفق الآراء على أنه لسنّ الكهولة شيخ المذاهب، ومن عليه يحسن الاتفاق، وبه يجمل