باشرها من قبل فأحسن السّلوك، ونصح هذه الدولة القاهرة فأثنى على سيرته ملوك الحصون وحصون الملوك.
فليعد إلى هذا المعقل المنيع عود الماء إلى مشاربه، وليسر في أرجاء أبراجها مسير القمر بين كواكبه، وليتفقّد أمور رجالها المستخدمين، وليستجلب قلوب حفظتها الأقدمين، متحاشيا من رأي القاصر الغبيّ، قائما بالمهمّات الّتي تزاحم منه بشيخ لا تزاحم بصبيّ، مقيما على رفع الأدعية لهذه الدولة القاهرة، مستزيدا بالشّكر لنعم الله الباطنة والظّاهرة، مجتهدا معتمدا على تقوى الله تعالى الّتي جعلت له مكانا مكينا في الدّنيا وطريقا سهلا إلى الآخرة، والله تعالى ينجح قصده، ويتقبل جهاده وجهده، بمنّه وكرمه.
قلت: هذا كان شأنها حين كان يولّى بها مقدّم حلقة أو جنديّ من الشّام.
لكن قد تقدم في الكلام على ترتيب الممالك الشّامية في المقالة الثالثة أنّها استقرّت في الدولة الناصرية «فرج» في سنة أربع عشرة وثمانمائة [ولاية]«١» وحينئذ فتكون ولايتها من الأبواب السلطانية. فإن عادت إلى ما كانت عليه أوّلا، عاد الحكم كذلك.
وهذه نسخة توقيع بنيابة قلعة حمص، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، وهي:
رسم بالأمر- لا زال يندب لخدمة قلاعه كلّ سيف مختبر، ومجرّب عبرت عليه العبر، ومؤدّ لفرائض الخدمة: إمّا بقيام عند الصّبا وإمّا بقعود عند الكبر- أن يرتّب فلان في نيابة قلعة حمص المنصورة إجابة لسؤاله فيما سأله: من التّوفر على مواصلة الصّلوات، ورفع الدّعوات، وجمع ثوابي الجهاد