للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوّل، ولعمري إنّ خيرا من سيرة ذلك البطّال سيرة هذا البطل، والأمر أعلى في قراءتها واستماعها، والتّمهّل في حجلها حتّى تسفر حسن نقابها وترفع مسدول قناعها،....... «١» .....

قد أحاطت العلوم الشريفة بالعزمات الشّريفة السّلطانية، وأنها استصحبت ذلك، حتى تصفّحت المهالك؛ وسرنا لا يستقرّ بنا في شيء منها قرار، ولا يقتدح من غير سنابك الخيل نار، ولا نمرّ على مدينة إلا مرور الرّياح على الخمائل في الأصائل والأبكار، ولا نقيم إلا بمقدار ما يتزيّد الزّائر من الأهبة، أو يتزوّد الطائر من النّغبة؛ نسبق وفد الرّيح من حيث ننتحي، وتكاد مواطيء خيلنا بما تسحبه أذيال الصّوافن تمتحي، تحمل همنا الخيل العتاق، ويكبو البرق خلفنا إذا حاول بنا اللّحاق، وكلّ يقول لسلطاننا نصره الله:

أين أزمعت أيّهذا الهمام؟ ... نحن نبت الرّبا وأنت الغمام!

ومرّ لا يفعل السّيف أفعاله، ولا يسير في مهمه إلا عمّه ولا جبل إلا طاله: تسايره السّواري والغوادي، ولا ينفكّ الغيث من انسكاب في كلّ ناد ووادي:

فباشر وجها طالما باشر القنا ... وبلّ ثيابا طالما بلّها الدّمّ!

وكان مولانا السّلطان من حلب قد أمر جميع عساكره بادّراع لامات حربهم، وحمل آلات طعنهم وضربهم:

فجاز له حتّى على الشّمس حكمه ... وبان له حتّى على البدر ميسم

يمدّ يديه في المفاضة ضيغم ... وعينيه من تحت التّريكة أرقم!

ورحلوا من حلب في يوم الخميس ثاني ذي القعدة جرائد على الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>