القعدة مستقبلا من الله كلّ الخير، ونصب «جتر»«١» بني سلجوق على رأسه فشاهد الناس منه صاحب القبّة والسّبع وصاحب القبّة والطّير؛ ودخل قيصريّة في بكرة هذا اليوم وكانت دار السلطنة قد فرشت لنزوله، وتخت بني سلجوق وقد هيّيء لحلوله؛ وهي دار تزهو، ومنازل من يتعبّد أو منازه من يلهو، أنيقة المبتنى، تحفّ بها بساتين عذبة الجنى؛ جدارنها بأحسن أصناف القاشانيّ مصفّحة، وبأجمل نقوشه مصرّحة؛ فجلس مولانا السلطان في مرتبة الملك في أسعد وقت، ونال التّخت بحلوله أسعد البخت:
وما كان هذا التّخت من حين نصبه ... لغير المليك الظّاهر النّدب يصلح
مليك على اسم الله ما فتحت له ... صوارمه البيض المواضي وتفتح
أتته وفود الرّوم والكلّ قائل ... «رأيناك تعفو عن كثير وتصفح»
فأوسعهم حلما وجاد لهم ندى ... وأمسوا على منّ وأمن وأصبحوا
ولو أنّهم لم يجنحوا لمنكّب ... عن الحقّ والنهج القويم لأفلحوا
ولكنّهم أعطوا يدا فوقها يد ... تصافح كفّا زندها النار يقدح!! «٢»
وأقبل الناس على مولانا السلطان يهنّؤّونه، وعلى كفّه الشريف يقبّلونه «٣» ؛ وبعد ذلك حضرت القضاة والفقهاء والعلماء والصّوفيّة وذوو المراتب من أصحاب العمائم على عادة بني سلجوق في كلّ جمعة، ووقف أمير المحفل وهو كبير المقدار عندهم، له وسامة وفخامة، وله أكبر كمّ وأوسع عمامة، وأخذ في ترتيب المحفل على قدر الأقدار، وانتصب قائما بين يدي مولانا