وأمّا معين الدّين سليمان البرواناه وزوجته كرجي خاتون، فظهر لهما بن الموجود البادي للعيون كلّ نفيس، وبحمد الله استولى مولانا السلطان مماليكه من موجوده ودار زوجته المذكورة على ملك سليمان وصرح لقيس.
ولما أقام مولانا السلطان بقيصريّة هذه المدّة، فكّر في أمر عساكره مصالحه بما لا يعرفه سواه، ونظر في حالهم بما أراه الله، وذلك لأن لأقوات قلّت، [وقيسارية ألقت ما فيها من المؤن وتخلّت]«١» والسّيوف من لمصارعة ملّت، والسّواعد من المصادمة كلّت، وأنّه ما بقي في الرّوم من الكفّار من يغزى، ولا بجزاء السّوء يجزى؛ ولا بقي في البلاد غير رعايا كالسّوائم الهاملة، ولا دية- للكفر منهم- على عاقل وعاقلة؛ وأنّه إن أقام فالبلاد لا تحمله، وموادّ بلاده لا تصله، وأعشاب الرّوم بالدّوس قد اضمحلّت، وعلوفاتها قد قلّت، وزروعها لا ترتجى لكفاية، ولا ترضى خيول العساكر المنصورة بما ترضى به خيول الرّوم من الرّعي والرّعاية، وأن الحسام الصّقيل الذي قتل التّتار به في يد القاتل، وأنّهم إن كان أعجبهم عامهم فيعودون إلى الرّوم في قابل.
ورحل في يوم الاثنين عشرين «٢» من ذي القعدة بعد أن أعطى أمراءه وخواصّه كلّ ما أحضر إليه من الأعنّة والأزمّة، وكلّ ما يطلق على تولّيه اسم النّعمة؛ فنزل بمنزلة تعرف بعترلوا «٣» ؛ وفي هذه المنزلة ورد إلى السلطان رسول من جهة غياث الدّين سلطان الرّوم، ومن جهة البرواناه والكبراء الذين