للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وقع عليه حاسّة البصر، فأنا مقصدك الأعظم، ومهمّك المقدّم؛ طالما أحرقت القلاع بشعاعي، وحصّنت الجيوش بدفاعي، وقمت بما لم يقم به الجيش العرمرم والعسكر الجرّار، وأغنيت مع انفرادي عن كثرة الأعوان ومعاضدة الأنصار.

فقال «علم الآلات الحربيّة» : وإنّ حدّك لكليل، وإنّ جداك لقليل، وإنّ المستنصر بك لذليل؛ وماذا عسى تصل في الإحراق إليه، أو تسلّط في الحروب عليه؟؛ أنا باع الحرب المديد، والمحصّن من كلّ بأس شديد، والتّالي بلسان الصّدق على الأعداء: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ

«١» . فأنا نفس المقصود وعين المراد، وعمود الحقّ وقاعدة الجهاد.

فقال «علم الكيماء» : ما أنت والقتال، ومواقعة الحروب وقوارع النّزال؛ وهل أنت إلا آلة من الآلات، لا تستقلّ بنفسك في حالة من الحالات؛ وأنّي يغني السّلاح عن الجبان مع خور الطّباع، أو يحتاج إليه البطل الصّنديد والمجرّب الشّجاع؛ فالعبرة بالمقاتل، لا بالذّوابل، والعمدة على الرّجال، لا ببوارق السّيوف عند النّزال؛ وبكلّ حال فالعمدة في الحروب وجمع العساكر على النّقدين دون ما عداهما، والاستناد إلى الذّهب والفضّة بخلاف ما سواهما؛ وإليّ هذا الحديث يساق وعليّ فيه يعتمد، وعنّي يؤخذ وإليّ في مثله يستند، أحاول بحسن التدبير، ما طبخته الطبيعة على ممرّ الدّهور «٢» ، فآتي بمثله في الزّمن القريب، وأجانس بين المعادن في ممازجتها فيظهر عنها كلّ معنى غريب، وأبرز من خصائص الإكسير ما يقلب المرّيخ قمرا من غير لبس، ويحيل الزّهرة شمسا وناهيك بإحالة الزّهرة إلى الشّمس؛ فصاحبي أبدا عزيز المنال، شريف النّفس عن الطّلب عفيف اللسان عن السّؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>