للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عيب فيه غير أنّ علاءه «١» ... إذا حدّدوه كان قد جاوز الحدّا

ولا عيب أيضا في مآثر بيته ... سوى أنّها تروى بألسنة الأعدا!

وحتّى يؤمّن عليه القائل:

ما كان أحوج ذا الكمال إلى ... عيب يوقّيه من العين!

ويقبل من الآخر قوله:

شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ ... من شرّ أعينهم بعيب واحد!

العبد يخدم بسلام ما روضة نقّطها الجوّ بدرّ سحائبه، وأفرغ عليها الأفق سفط كواكبه، وامتدّ نوء الذّراع لتدبيج سمائها، وتأريج أرجائها، وتخميش معاصم أنهارها المنشقّة بأفنائها، وصقال نسماتها السّحرية، ومغازلة عيونها السّحريّة، وهوان الغالية «٢» بنفحاتها الشّجريّة، تصرف دنانير أزهارها الصّروف، ويسلّ جدولها على الهموم السّيوف، وتجذب حمائمها القلوب بالأطواق، ويتشفّع دوحها إلى النواظر بالأوراق؛ قد ترقرق في وجناتها ماء الشّباب، وغنّى مطرب حمامها وعنتره «٣» في حك من الذّباب، وبحرها رونق السّيف وفي قلب روضته الذّباب.

فما كلّ أرض مثل أرض هي الحمى ... وما كلّ نبت مثل نبت هو البان!

يوما بأبهج منه أشواقا، وأطيب منه انتشاقا واتّساقا؛ والطّيّبون للطيبات، ولكلّ غيث نبات، وما لذلك الغيث إلا هذا النّبات.

ونعود فنقول: لا أدري أأتعجّب:

<<  <  ج: ص:  >  >>