أعاديه كلّما سخنت منه العين، فلقد أصبح «أفرغ من حجّام ساباط»«١» وإن كان «أشغل من ذات النّحيين»«٢» .
وكلما تأمّل جدّه «٣» العاثر النّاكص، ونظر رزقه النّاضب النّاقص، وقابله الدّهر بالوجه العابس الكالح، ومنّى نفسه عقبى يوم صالح، ربع عليها فمن لي بالسّانح بعد البارح «٤» ؟ وناجى نفسه بإعمال الركائب، والاضطراب في المشارق والمغارب، وأن يرى بالجود طلعة نائر وبالعرمس «٥» غرّة آئب، ويصل التّهجير بالسّرى، ويبتّ من قيد الأوطان موثقات العرى؛ وإن كسدت فضيلة من فضائله، أو رثّت وسيلة من وسائله، اكتسب بأخرى من أخواتها، ونفث في عقدها ومتّ بها وقال: أنا ابن بجدتها؛ فإلام وعلام وحتّى متى، أجاور من أنا فيهم أضيع من قمر الشّتا؟ وحالي أظهر من أن يقام عليه دليل، و «إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل» :
وما أنا كالعير المقيم بأهله ... على القيد في بحبوحة الدّار يرتع
ثم استهول تقحّم الإغوار والإنجاد، واستفتح لقادح زناد الحظّ