ذبالة؛ فقيل: إنّ الغلام نظر إليه شزرا، وهزّ له المهنّد فشقّ له من الظّلماء فجرا، وأبدى له وجها مكفهرّا، ورام أن يمطيه من المنيّة مركبا وعرا، كأنّه قد لاقى أسدا هزبرا، وأترع له كأس الحمام بالوافي، ورماه بثالثة الأثافي، فعطفت عليه باللّائمة منكرا لجهله، وهتفت به زاجرا عن قبح فعله، ثم عذرته:«ومن لك بأخيك كلّه» ؛ وقلت له: ماذا تراك تصنع لو لاقيت أسدا أغلبا؟، لقد خلت أنّك ترتدّ- وإن كنت وليدا- أشيبا؛ أمن هذا بادرت إلى السّيف مخترطا؟، «إنّك لأجبن من المنزوف ضرطا»«١» لقد أظهرت من الفشل ما جاوز قدر الحدّ، ووضعت المزاح في محلّ الجدّ وقابلت الأسهل بالأشدّ؛ فسحقا لك وبعدا، لقد قدح مرجّيك بعدها زنادا صلدا، واستنبع الماء جلمدا جلدا.
فصوّب طرفه فيّ وهتف مناديا، وأظهر وفاء أزرى بالسّموءل بن عاديا: أنج هربا ولا إخالك ناجيا؛ إنّي رميت من الخطوب بأصعبها، ولا ينبّئك بالحروب كمجرّبها، والغاصّ باللّقمة أخبر بها؛ فلقد أوطأني ما لا أستقيل منه العثرة، وما لاقيت في حرب كهذه المرّة، والعوان لا تعلّم الخمرة «٢» لقد صرّح لي بالشّرّ ولم يجمجم، وكشر عن أنيابه غير متبسّم، و «حسبك من شرّ سماعه» و «است البائن أعلم»«٣» ، تالله إنّه لأجرأ من خاصي الأسد، ولئن سبرته لتعلمنّ ما بين الذّئب والتّقد؛ ولقد رضيت نفسي من الغنيمة أن تؤوب بذمائها «٤» ، لما تشبّث بخنصري فخضبها بدمائها،