الأعظم، له مخاتلة سرحان وهجمة ضيغم؛ أحنّ من نقبة «١» ، «وأظلم من حيّة» ، أطيش من فراشة، وأسبق إلى الغايات من عكّاشة «٢» ؛ أخطف من عقاب، وأشجع من ساكن غاب، أسرق من جرذ وأنوم من فهد، وألين من عهن «٣» وأخشن من قدّ؛ بأسه قضاء على الطّير منزل، وبطشه ملك بآجالها مرسل.
فلمّا تأملت خلقه، وسبرت بتجربة الفراسة خلقه، عجّلت له جريرا مستحصد المرّة لوثاقه، وأحكمت شدّه في محلّ خناقه، وقلت له: إنّي مجرّبك سحابة هذا النهار، «ومن سلك الجدد أمن من العثار» ، فعل ذي خبرة بمكره، وعلى ثقة من غدره؛ فإنّ اللّئيم ذو صولة بعد الخضوع، وفضح التّطبّع شيمة المطبوع؛ وكيف الثّقة به وإن استقرّ ولم ينبس؟ وأنّى الطّمأنينة إليه وهو الأزرق المتلمّس؟.
ثم انصرفت إلى البلد لبعض شاني، والاجتماع بأخلّائي وأخداني، واستغرقت أديم النهار فيما توجّهت له، وقطعت عمر يوم ما كان أطوله! فلما قضيت نهمتي، من نجعتي، وحانت مع وجوب الشّمس رجعتي، ألفيته عمد إلى الوثاق فقرضه، ووفّاه بالكيل الوافي ما اقترضه، وصال على شيخة نستسعد بدعائها، ونفزع إن دهمنا همّ قبل نداء أولي البطش إلى ندائها؛ ذات خلق عظيم، ومنطق رخيم، وقلب رحيم، ووجه ذي نضرة ونعيم؛ إن قامت أحيت اللّيل بالسّهر، أو قرأت رأيتنا حولها زمرا بعد زمر؛ إن حادثتها نطقت بالسّحر محلّلا، أو تاركتها رأت الصّمت على كثير من النّطق مفضّلا؛ تسرّ نفسك في حالة الصّخب، وتريك وجه الرّضا في صورة الغضب؛ فمدّ إليها يد العدوان، وأطاع بأذاها أمر الشّيطان، ولم يرقب فيها