للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلّا «١» ولا ذمّة، وحملها فحمّلنا من أذاها غمّة، ومزّق قشيب أثوابها، وحكّم مخالبه الحديدة في إهابها، فعظم مصاب من حوت داري بمصابها.

فلما وصلت رأيتها باكية ذات قلب مريض، وجناح مهيض، فسلّيتها بأنّ المصائب تلقّاها الأبرار، وترفّقت بها إلى أن رقأت تلك الأدمع الغزار، وأوردت: «إنّ جرح العجماء جبار» «٢» ؛ وقلت: إيها لك وآها، لقد ارتكبت خطّة ما أليقها بعذرك وأولاها!!، «فلقد أنصف القارة من راماها» «٣» ثم آليت أليّة برّة، لأوطئنّه من الوثاق جمرة، ولأقتصّنّ بهذه المرّة تلك المرّة؛ وأتيته بسلسلة تنبو أنيابه عن عجمها، ولا تثبت شياطين مكره برجمها؛ قد أبدع قينها الصّنعة بإحكامها، وأتى بالعجب في نظامها، فلله هو ممن تحكّم فيما يقطع الجلمد، فجعله من اللّطافة يحلّ ويعقد؛ فاستودعت عنقه منها أمينا لا يخفر وثيق ذمّته، ولا تتطرّق الأوهام إلى تهمته، مستحكم القوّة في الشّد، فتغيّظ تغيّظ الأسير على القدّ «٤» ، ونظر إليّ بطرف حديد، وتذلّل بعد بأس شديد، وبصبص «٥» بذنبه فقلت: «أمكرا وأنت في الحديد» «٦» . فلمّا أيس من الخلاص، تلوت: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ

«٧» .

<<  <  ج: ص:  >  >>