ما تأخير مولانا بحر العلم وشيخه عن رؤية هذا الما؟، وما قعاده عن زرقة هذا النّيل الذي جعل الناس فيه بالتّوبة كالملائكة لمّا غدا هو أيضا كالسّما؟، وكيف لم ير هذا الطّوفان الذي استحال للزّيادة فما أشبه زيادته بالظّما؛ فهي كزيادة الأصابع الدّالّة في الكفّ على نقصه، وأولى أن ننشد بيت المثل بنصّه:
طفح السّرور عليّ حتّى إنّه ... من عظم ما قد سرّني أبكاني!
فإنه قارب أن يمتزج بنهر المجرّة بل وصل وامتزج؛ وأرانا من عجائبه ما حقّق أنه المعنيّ [بقول القائل] : «حدّث عن البحر ولا حرج» ؛ وتجاوز في عشر الثّلاثين الحدّ، وأرانا بالمعاينة في كلّ ساحل منه ما سمعناه عن الجزر والمدّ، وأساء في دفعه فلم يدفع بالتي هي أحسن، وأقعد الماشي عن التّسبّب والحركة حتّى شكا إلى الله في الحالين جور الزمن، وسقى الناس من ماء حياته المعهودة كما شربوا من الموت أصعب كاس، وسئل ابن أبي الرّدّاد «١» عن قياس الزيادة فقال: زاد بلا قياس؛ امتلأ اليباب، وهال العباب، وضاع العدّ واختلط الحساب؛ كال فطفّف، وزار فما خفّف؛ غسل الجسور، وأعاد الإملاق بعزمه إلى البحور، وبرع فكان أولى بقول الحلّي من ابن منصور: