للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع في صعوده إلى الجبال بين الحادي والملّاح، ودخل النّاس إلى أسواق مصر وخصوصا سوق الرّقيق على كلّ جارية ذات ألواح، وغدا التّيّار ينساب في كلّ يمّ كالأيم، وأصحبت هضاب الموج في سماء البحر وكأنّما هي قطع الغيم، واستحالت الأفلاك فكلّ برج مائيّ، وتغيّرت الألوان فكلّ ما في الأرض سمائيّ، وحكى ماؤه حكاكة الصّندل لمّا مسّه شيطان الرّيح فتخبّط، وزاد فاستحال نفعه فتحقّق ما ينسب إلى الصّندل من الاستحالة إذا أفرط؛ فلقد حكت أمواجه ودوائره الأعكان «١» والسّرر، وغدا كلّ حيّ ميّتا من زيادته لا كما قال المعرّي: حيّا من بني مطر «٢» ؛ وتحالى إلى أن أقرف اللّيمون الأخضر، واحمرّت عينه على الناس فأذاقهم الموت الأحمر؛ ولقد صعب سلوكه وكيف لا؟ وهو البحر المديد، وأصبح كلّ جدول منه جعفرا «٣» ويزيد:

فلست أرى إلا إفاضة شاخص ... إليه بعين أو مشيرا بأصبع!

فلكم قال الهرم للسّارين يا سارية الجبل، وأنشد وقد شمّر ساقه للخوض: أنا الغريق فما خوفي من البلل؟ وكم قال أبو الهول: لا هول إلا هول هذا البحر، وقال المسافرون: ما رأينا مثل هذا النّيل من هنا إلى ماوراء النّهر، وقال المؤرّخون: لم ننقل كهذه الزيادة من عهد النّهروان وإلى هذا الدّهر.

وكيف يسوغ لمولانا في هذه الأيام غير ارتشاف فم الخمور؟ ولم لا يغيّر مذهبه ويطيّب على هذه الخلج بالسّلسل والدّور؟؛ وكيف وكيف؟!!،

<<  <  ج: ص:  >  >>