للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوفاء ولكن كم حياة في الأرض لمن ينادي، وتمّت أصابع الزيادة ونمت حتّى قال الناس: ما ذي أصابع ذي أيادي.

هذا وقد قرنت زرابيّ الدّور المثوثة بالنّمارق «١» ، وقال المقياس:

تغطّت منها الدّرج فنال الرّجاء وظهرت الدّقائق؛ فهو جمّ المنافع، عذب المنابع، يشار في الحقيقة والمجاز إليه بالأصابع.

فأعاده الله إلى ذلك النّفع المعهود، وأرانا منه الأمان من الطّوفان إلى أن نرد الحوض المورود، وكفى أهل مصر هذه المصيبة التي إذا أصابتهم قالوا: إنّا لله وإنا إليه راجعون، ولا ابتلاهم بمثل ما ابتلى به قوما جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم فإنّما يستغشي ثيابه منهم الفقراء في المطر ويجعل أصابعه في آذانه منهم المؤذّنون؛ اللهمّ إنك وليّ النّعمة، وأولى برحمة خلقك من فيض هذه الرّحمة» .

وما قاله صاحبنا الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة «٢» الذي كان أغرب من زرقاء اليمامة، وأعجب إذا ركب بغلته وزرزوره من أبي دلامة، الأديب الذي كان حجّة العرب، والناثر الذي كان بنسبته إلى الطّيور محرّك المناطق وإلى الشّعر صنّاجة الأدب، والنّاظم الذي كان إذا أنشد مقاطيعه في التّشبيب فاق على المواصيل ذوات الطّرب، والصّديق الذي كانت منه عوائد الوفاء مألوفة، وشيخ الصّوفيّة الذي لا عجب إذا كانت له المقامات الموصوفة، أسكنه الله فسيح الجنان، وخصّ ذلك الوجه الجميل بالعارض الهتّان، من مقامته الزّعفرانيّة عن أبي الرّياش:

«فاعتنقته لدى السّلام، وقلت: ما وراءك يا عصام؛ فقد بلغنا أن النّيل

<<  <  ج: ص:  >  >>