وكأن صوافّ الطّيور المتّسقة «٣» بتلك الأرض «٤» خيام، أو ظباء بأعلى الرّقمتين قيام، أو أباريق فضّة رؤوسها لها أقدام «٥» ، ومناقيرها المحمرّة أوائل ما انسكب من المدام، وكأن رقابها رماح أسنّتها من ذهب، أو شموع أسود رؤوسها ما انطفى وأحمره ما التهب؛ وكنا كالطّير الجليل عدّة، وكطراز العمر الأوّل جدّة:
من كلّ أبلج كالنّسيم لطافة ... عفّ الضّمير مهذّب الأخلاق
مثل البدور ملاحة، وكعمرها ... عددا، ومثل الشّمس في الإشراق!
ومعهم قسيّ كالغصون في لطافتها ولينها، والأهلّة في نحافتها وتكوينها، والأزاهر في ترافتها وتلوينها؛ بطونها مدبّجة، ومتونها مدرّجة؛ كأنها كواكب الشّولة في انعطافها، أو أرواق الظّباء في التفافها؛ لأوتارها عند القوادم أوتار، ولبنادقها [في]«٦» الحواصل أوكار؛ إذا انتضيت لصيد «٧» ذهب من الحياة نصيبه، وإن انتضت لرمي بدا لها أنها أحقّ به ممن يصيبه؛ ولعلّ ذاك الصّوت زجر لبندقها أن يبطيء في سيره، أو يتخطّى الغرض إلى غيره، أو وحشة لمفارقة أفلاذ كبدها، أو أسف على خروج بنيها من يدها؛ على أنها طالما نبذت بنيها بالعراء، وشفعت لخصمها التّحذير بالإغراء: