للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثنى الثاني إليه عنان بندقه، وتوخّاه فيما بين رأسه وعنقه، فخّر كمارد انقضّ عليه نجم من أفقه؛ فتلقاه الكبير بالتّكبير، واختطفه قبل مصافحة الماء «١» من وجه الغدير.

وقارنته إوزّة حلباء دكناء، وحلّتها حسناء «٢» ؛ لها في الفضاء مجال، وعلى طيرانها خفّة ذوات التّبرّج وخفر ربّات الحجال؛ كأنّما عبّت في ذهب، أو خاضت في لهب؛ تختال في مشيتها كالكاعب، وتتأنّى في خطوها كاللّاعب، وتعطف «٣» بجيدها كالظّبي الغرير، وتتدافع في سيرها مشي القطاة إلى الغدير:

إذا أقبلت تمشي فخطرة كاعب ... رداح، وإن صاحت فصولة حازم «٤»

وإن أقلعت قالت لها الرّيح: ليت لي ... خفا ذي الخوافي أو قوى ذي القوادم

فأنعم بها في البعد زاد مسافر ... وأحسن بها في القرب تحفة قادم!

فلوى الثالث جيده إليها، وعطف بوجه إقباله «٥» عليها، فلجّت في ترفّعها ممعنة، ثم نزلت على حكمه مذعنة؛ فأعجلها عن استكمال الهبوط، واستولى عليها بعد استمرار القنوط.

وحاذتها لغلغة تحكي لون وشيها، وتصف حسن مشيها، وتربي عليها بغرّتها، وتنافسها في المحاسن كضرّتها؛ كأنها مدامة قطبت بمائها، أو غمامة شفّت عن بعض نجوم سمائها:

بغرّة بيضاء ميمونة ... تشرق في اللّيل كبدر التّمام!

وإن تبدّت في الضّحى خلتها ... في الحلّة الدّكناء برق الغمام!

<<  <  ج: ص:  >  >>