أحسنوا الرواية والدّراية، وبنوا الأمر على أساس التقوى وأعربوا عن طرق الهداية، ما انهلّ من أفق الكرم المحمديّ كلّ عارض صيّب، وتحلّت الاسماع والأفواه من أخباره بنفائس الشّذور البديعة وحلاوة الكلم الطّيّب- فقد عرض عليّ الجناب العاليّ البارعيّ، الأوحديّ، الألمعيّ، اللّوذعيّ، الشّهابيّ، شهاب الدين، نخبة النّجباء، أوحد الألبّاء، نجل السّادة العظماء، سلالة الأعيان العلماء، أبو العبّاس أحمد ابن سيدنا المقرّ الكريم العاليّ، المولويّ، العالميّ، الفاضليّ، البليغيّ، المفيديّ، الفريديّ، المفوّهيّ، الشّمسيّ، العمريّ، أطاب الله حديثه، وجمع له بالإعراب عن علوّ الهمّة قديم الفضل وحديثه- طائفة متفرّقة من «عمدة الأحكام» للحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ، و «شذور الذّهب» للعلامة جمال الدّين بن هشام رحمة الله عليهما- عرضا قصرت دونه القرائح على طول جهدها، وكانت الألفاظ الموردة فيه لأمة حرب الفئة الباغية عليه فأحسن عند العرض في سردها، وزيّن- أبقاه الله- تلك الأماكن بطيّب لحنه وإعراب لفظه، وآذن امتحانه فيها بأنّ جواهر الكتابين قد حصلت بمجموعها في خزانة حفظه.
فحبّذا هو من حافظ روى حديث فضله عاليا، وتلا على الأسماع ما اقتضى تقديمه على الأقران فلله درّه مقدّما وتاليا، وسار في حكم العرض على أعدل طريق وناهيك بالسّيرة العمريّة، وصان منطقه عن خلل المعاني وكيف لا؟ وقد تمسّك بطريقة والده وهي «المقدّمة الشّمسيّة» ، وسابق أقرانه فكانت له زبدة التّفضيل في حلبة السّباق، وطابق بين رفع شأنه وخفض شانيه ولا ينكر لمن هو من هذا البيت حسن الطّباق، واشتغل فلم يقع التنازع في حسن دخوله من باب الاشتغال، ونصب فكره لتحصيل العلم فتعيّن تمييزه على كلّ حال، وتوقّدت نار ذهنه فتلظّى حاسده بالالتهاب، ورويت أحاديثه بالغة في العلوّ إلى سماء الفضل ولا بدع إذا رويت أحاديث الشّهاب، وافتخر من والده بالفاضل الذي ارتفع في ديوان الإنشاء خبره، وهزّ المعاطف بتوقيعه الذي لا يزال يحرّره ويحبّره، ووشّى المهارق فكأنّما هي رياض قد غرّد فيها