فهاجت به مرّة فوثب عليه قوم يعضّون إبهامه ويؤذّنون في أذنه، فأفلت من أيديهم وقال: ما لكم تكأكأتم عليّ كما تكأكؤون على ذي جنّة! افرنقعوا عنّي. فقال بعضهم: دعوه فإن شيطانه يتكلم بالهنديّة.
وقال أبو علقمة يوما لحاجمه: اشدد قصب اللهازم «١» ، وأرهف ظبات «٢» المشارط، وأمرّ المسح «٣» ، واستنجل «٤» الرّشح، وخفّف الوطء، وعجل النّزع، ولا تكرهنّ أبيّا «٥» ، ولا تردّن أتيّا «٦» ؛ فقال له الحجّام: ليس لي علم بالحروف «٧» .
ونظر إليه رجل وتحته بغل مصريّ حسن المنظر، فقال: إن كان مخبر هذا البغل كمنظره فقد كمل، فقال أبو علقمة: والله لقد خرجت عليه من مصر فتنكّبت الطريق مخافة السّرّاق وجور السلطان، فبينا أنا أسير في ليلة ظلماء قتماء، طحياء مدلهمّة، حندس «٨» داجية، في صحصح «٩» أملس، إذ أحسّ بنبأة «١٠» من صوت نغر «١١» ، أو طيران ضوع «١٢» ، أو نغض سبد «١٣» فحاص عن الطريق متنكّبا لعزّة نفسه، وفضل قوّته، فبعثته باللجام فعسل «١٤» ، وحرّكته بالركاب فنسل «١٥» ؛ وانتعل