السجع، فإن جعلتها مسجوعة كان أحسن ما لم يكن في سجعك استكراه وتنافر وتعقيد؛ وكثيرا ما يقع ذلك في السجع، وقلّما يسلم إذا طال من استكراه وتنافر.
قال ابن أبي الأصبع: ولا تجعل كلامك كلّه مبنيّا على السجع فتظهر عليه الكلفة، ويتبيّن فيه أثر المشقّة، وتتكلّف لأجل السجع ارتكاب المعنى الساقط، واللفظ النازل؛ وربما استدعيت كلمة للقطع رغبة في السجع فجاءت نافرة من أخواتها، قلقة في مكانها. بل اصرف كلّ النظر إلى تجويد الألفاظ وصحة المعاني، واجهد في تقويم المباني، فإن جاء الكلام مسجوعا عفوا من غير قصد، وتشابهت مقاطعه من غير كسب كان، وإن عزّ ذلك فاتركه وإن اختلفت أسجاعه، وتباينت في التقفية مقاطعه، فقد كان المتقدّمون لا يحتفلون بالسّجع جملة، ولا يقصدونه إلا ما أتت به الفصاحة في أثناء الكلام، واتّفق من غير قصد ولا اكتساب؛ وإنما كانت كلماتهم متوازية، وألفاظهم متساوية، ومعانيهم ناصعة، وعبارتهم رائعة، وفصولهم متقابلة، وجمل كلامهم متماثلة؛ وتلك طريقة الإمام علي رضي الله عنه ومن اقتفى أثره من فرسان الكلام، كابن المقفّع، ويزيد بن هارون «١» ، وإبراهيم بن العباس «٢» ، والحسن بن سهل «٣» ، وعمرو بن مسعدة «٤» ، وأبي عثمان الجاحظ، وغيرهم من الفصحاء البلغاء.
قال في «موادّ البيان» : وأقلّ ما يكون من الازدواج قرينتان.
قال في «الصناعتين» : وينبغي أن يجتنب إعادة حروف الصّلات والرباطات في موضع واحد إذا كتب، في مثل قول القائل له منه عليه، أو عليه منه،