أو به له منه، وحقه له عليه. قال: وسبيله أن يداويه حتّى يزيله، بأن يفصل ما بين الحرفين مثل أن يقول: أقمت به شهداء عليه، كقول المتنبي:
وتسعدني في غمرة بعد غمرة ... سبوح لها منها عليها شواهد «١»
قال ابن أبي الأصبع: وليراع الإيجاز في موضعه، والإطناب في موضعه، بحسب ما يقتضيه المقام، ويتجنّب الإسهاب والتطويل غير المفيد.
قال العسكري: وينبغي أن يأتي في تأليفه الكلام بآيات من الكتاب العزيز في الأمور الجليلة للترصيع والتحلية، والاستشهاد للمعاني على ما يقع في موقعه، ويليق بالمكان الذي يوقع فيه، ولكنه لا يستكثر منه حتّى يكون هو الغالب على كلامه، تنزيها لكلام الله تعالى عن الابتذال، فإنه إنما يستعمله على جهة التبرّك والزينة، لا ليجعل حشوا في الكلام؛ وإذا استعير منه شيء أتي به على صورته؛ ولا ينقله عن صيغته، ليسلم من تحريفه، ومخالفة اختيار الله تعالى فيه. قال:
وكما لا يجوز الإكثار منه لا يجوز أن يخلّي كلامه من شيء منه تحلية له، فإن خلوّ الكلام من القرآن يطمس محاسنه، وينقص بهجته؛ ولذلك كانوا يسمّون الخطبة الخالية من القرآن بتراء.
وينبغي ألّا يستعمل في كتابته ما جاء به القرآن العظيم من الحذف ومخاطبة الخاص بالعامّ، والعامّ بالخاص، والجماعة بلفظ الواحد، والواحد بلفظ الجماعة، وما يجري هذا المجرى، لأن القرآن قد نزل بلغة العرب، وخوطب به فصحاؤهم بخلاف الرسائل.
قال في «الصناعتين» : لا يجوز أن يستعمل فيها ما يختص بالشّعر من صرف ما لا ينصرف، وحذف ما لا يحذف، وقصر الممدود، ومدّ المقصور، والإخفاء في موضع الإظهار، وتصغير الاسم في موضع تكبيره، إلا أن يريد تصغير