من أجل هذا لم يختلف زيد بن ثابت وسعيد بن العاص فى شيء، ووجدا ما اجتمع لهما من قبل على يد أبى بكر وعمر هو هو الذى جمعه عثمان ثانية واستحلف الناس عليه.
ويحكى المؤرخون أن زيدا وسعيدا لم يختلفا إلا في حرف واحد فى سورة البقرة، فقال سعيد (التابوت) وقال زيد (التابوه) واختيرت قراءة سعيد ابن العاص، لأن القرآن نزل بلسان قريش.
وأرسل عثمان ستّا من هذه المصاحف إلى مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة، وحبس مصحفا بالمدينة، وأمر عثمان فحرق ما كان مخالفا لمصحفه.
وسيجىء بعد فى رسم المصحف: أن على بن أبى طالب كان له مصحف باسمه، أعنى كان إليه جمعه، وأنه بعد موت النبى كان قد أقسم ألا يرتدى برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن فى مصحف، ففعل.
وينقل أبو بكر السجستانى بسند متصل عن أشعث عن ابن سيرين، أنه حين تخلف عن بيعة أبى بكر أرسل إليه أبو بكر يقول له: أكرهت إمارتى يا أبا الحسن؟
فقال على: لا والله، إنى اتسمت ألا أرتدى برداء إلا لجمعة، فبايعه ثم رجع.
ثم يقول أبو بكر: لم يذكر «المصحف» أحد إلا أشعث، وهو لين الحديث، وإنما: حتى أجمع القرآن، يعنى أتم حفظه.
غير أن ابن النديم- فيما سيجىء بعد- يذكر أنه رأى عند أبى يعلى حمزة الحسنى مصحفا سقطت منه أوراق بخط على بن أبى طالب يتوارثه بنو الحسن، ثم أورد ترتيب السور فيه، وسرّى هذا (فى رسم المصحف) .
ولقد كان إلى مصحف على مصاحف أخر مرت بك، هى مصحف أبى، ومصحف ابن مسعود، ومصحف ابن عباس، وكان ثمة مصاحف أخرى هى:
مصحف أبى موسى الأشعرى، ومصحف للمقداد بن الأسود، ومصحف لسالم، مولى أبى حذيفة.
ولقد كانت هذه المصاحف موزعة فى الأمصار، فكان أهل الكوفة على مصحف (- ٥- الموسوعة القرآنية- ج ٣)