وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين: مالا، وأمانة، وتجارة، وكان هالة بنت خويلد، وكانت خديجة خالته، فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه، وكان رسول الله صلى الله عليه لا يخالفها، وذلك قبل أن ينزل عليه الوحى، فزوجه، وكانت تعده بمنزلة ولدها، فلما أكرم الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبوته، آمنت به خديجة وبناته، فصدقته، وشهدن أن ما جاء به الحق، ودنّ بدينه، وثبت أبو العاص على شركه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة بن أبى لهب رقية، أو أم كلثوم. فلما بادى قريشا بأمر الله تعالى وبالعداوة، قالوا: إنكم قد فرغتم محمدا من همه، فردوا عليه بناته، فاشغلوه بهن، فمشوا إلى أبى العاص، فقالوا له: فارق صاحبتك ونحن نزوجك أى امرأة من قريش شئت. قال:
لا والله، إنى لا أفارق صاحبتى، وما أحب أن لى بامرأتى امرأة من قريش.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثنى عليه فى صهره خيرا. ثم مشوا إلى عتبة بن أبى لهب، فقالوا له: طلق بنت محمد ونحن ننكحك أى امرأة من قريش شئت. فقال: إن زوجتمونى بنت أبان بن سعيد بن العاص، أو بنت سعيد بن العاص، فارقتها، فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها، ولم يكن دخل بها، فأخرجها الله من يده كرامة لها، وهوانا له، وخلف عليها عثمان بن عفان بعده.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم، مغلوبا على أمره. وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،