وجواب ثان، وهو: «الهاء» فى «بطونه» تعود على البعض لأن «من» فى قوله «مما فى بطونه» : دلت على التبعيض، وهو الذي له لبن منها فتقديره: مما فى بطون البعض الذي له لبن، وليس لكلها لبن.
وهو قول أبى عبيدة.
وجواب ثالث، وهو: أن «الهاء» فى «بطونه» تعود على المذكور أي: ونسقيكم مما فى بطون المذكور.
وجواب رابع، وهو: أن «الهاء» تعود على «النعم» لأن الأنعام والنعم، سواء فى المعنى.
وجواب خامس، وهو: أن «الهاء» تعود على واحدة الأنعام واحدها: نعم: والنعم مذكر، واحد الأنعام.
والعرب تصرف الضمير إلى الواحد، وإن كان لفظ الجمع قد تقدم قال الأعشى:
فإن تعهدى لامرىء لمة ... فإن الحوادث أودى بها
فقال «بها» ، فرد الضمير فى «أودى» على الحدثان أو على الحادثة، وذكّر لأنه لا مذكر لها من لفظها.
وجواب سادس، وهو: أن «الهاء» تعود على الذكور خاصة، حكى هذا أقول إسماعيل القاضي، ودل ذلك أن اللبن للفحل، فشرب اللبن من الإناث، واللبن للفحل، فرجع الضمير عليه، واستدل بها على أن اللبن فى الرضاع للفحل.
٦٧- وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «الهاء» فى قوله «تتخذون منه» : يعود على واحد الثمرات المتقدمة الذكر، فهى تعود على الثمر، كما عادت «الهاء» فى «بطونه» على واحد الأنعام، وهو النعم.
وقيل: بل تعود على «ما» المضمرة لأن التقدير: ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه، فالهاء ل «ما» ، ودلت «من» عليها وجاز حذف «ما» كما جاز حذف «من» فى قوله: (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) ٣٧: ١٦٤ أي: إلا من له مقام، فحذف «من» لدلالة «من» عليها، فى قوله «وما منا» .
وقيل: «الها» : تعود على المذكور، كأنه قال: تتخذون من المذكور سكرا.
٦٩- ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «الهاء» فى قوله «فيه شفاء للناس» : تعود على «الشراب» ، الذي هو العسل.