أعرفه، ولا تفتوا فى أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم، فاجهروا به للناس. فخرجوا حتى أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: من رسول الله؟
لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه، وكان رجلا فيه حدة، فقال له سعد بن عبادة: دع عنك مشاعتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة.
ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه، ثم قالوا: عضل والقارة- أى كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع، خبيب وأصحابه- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين.
وعظم عند ذلك البلاء، واشتد الخوف، وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى ظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق من بعض المنافقين، حتى قال معتب بن قشير، أخو بنى عمرو بن عوف: كأن محمدا يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
وحتى قال أوس بن قيظى، أحد بنى حارثة بن الحارث: يا رسول الله، إن بيوتنا عورة من العدو، وذلك عن ملأ من رجال قومه، فائذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا، فإنها خارج المدينة. فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام عليه المشركون بعضا وعشرين ليلة، قريبا من شهر، لم تكن بينهم حرب إلا المراماة بالنبل والحصار.
فلما اشتد على الناس البلاء، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وإلى الحارث بن عوف بن أبى حارثة المرى، وهما قائدا غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة، على أن (م ١٣- الموسوعة القرآنية- ج ١)