ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره، واستخلف على المدينة أبارهم، كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفارى، وخرج لعشر مضين من رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصام الناس معه، حتى إذا كان بالكديد، بين عسفان وأمج، أفطر. ثم مضى حتى نزل مرالظهران فى عشرة آلاف من المسلمين، وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار، فلم يتخلف عنه منهم أحد.
فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الظهران، وقد عميت الأخبار عن قريش فلم يأتهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو فاعل. وخرج فى تلك الليالى أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، يتحسسون الأخبار، وينظرون هل يجدون خبرا، أو يسمعون به. وقد كان العباس بن عبد المطلب لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق، وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبى أمية بن المغيرة، قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بنيق العقاب، فيما بين مكة والمدينة، فالتمسا الدخول عليه،
فكلمته أم سلمة فيهما، فقالت: يا رسول الله، ابن عمك وابن عمتك وصهرك. قال: لا حاجة لى بهما، أما ابن عمى فهتك عرضى، وأما ابن عمتى وصهرى فهو الذى قال لى بمكة ما قال.
فلما خرج الخبر إليهما بذلك، ومع أبى سفيان بنى له، فقال: والله ليأذنن لى أو لآخذن بيدى بنى هذا ثم لنذهبن فى الأرض حتى نموت عطشا وجوعا. فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما، ثم أذن لهما، فدخلا عليه فأسلما.