وأقبل أبو بكر، حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر، وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شىء، حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيت عائشة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى فى ناحية البيت، عليه برد حبرة. وأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: بأبى أنت وأمى، أما الموتة التى كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا، ثم رد البرد على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال: على رسلك يا عمر، أنصت، فأبى إلا أن يتكلم. فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حىّ لا يموت. ثم تلا هذه الآية: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ.
فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها أبو بكر يومئذ، وأخذها الناس عن أبى بكر، فإنما هى فى أفواههم.
قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعقرت «١» ، حتى وقعت إلى الأرض ما تحملنى رجلاى، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.