ثم إن على بن أبى طالب، والعباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الذين تولوا غسله. وإن أوس بن خولى، أحد بنى عوف بن الخزرج، قال لعلى بن أبى طالب: أنشدك الله يا على، وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكان أوس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر- ادخل؟ فدخل فجلس، وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسنده على بن أبى طالب إلى صدره، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه، وكان أسامة بن زيد وشقران مولاه، هما اللذان يصبان الماء عليه،
وعلىّ يغسله، قد أسنده إلى صدره، وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، لا يفضى بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى يقول: بأبى أنت وأمى، ما أطيبك حيا وميتا!
ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا مما يرى من الميت.
ولما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه، فقالوا:
والله ما ندرى أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه، كما نجرد موتانا، أو نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم، حتى ما منهم رجل إلا ذقنه فى صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت، لا يدرون من هو:
أن اغسلوا النبى وعليه ثيابه. فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسلوه وعليه قميصه، ويصبون الماء فوق القميص، ويدلكونه والقميص دون أيديهم.