بتدبير السماء، وكان حين يصبر على الأذى يصيبه يأسى للأذى يصيب أصحابه.
فلقد كان رسولا، وكان فى عافية بمكانه من رسالته، لا يخشى أن يزلزل إيمانه بها ترغيب أو ترهيب، وكان أتباعه على حسن إيمانهم وعظيم صبرهم بشرا يجوز عليهم ما يجوز على البشر من الوعد والإيعاد، ولقد وفى أكثرهم لمعتقده فلم يصرفه إيذاء كما لم يحوله إعطاء، وهلك نفر منهم تحت سوط البلاء، كما لان نفر منهم فأعطوا بألسنتهم وما نظنهم أعطوا بقلوبهم.
فلقد تتبع مشركو مكة من يسلمون بألوان الأذى كلها لا يقصدون، فآذوهم فى أموالهم وآذوهم فى أهليهم وآذوهم فى أجسادهم، وعز على رسول الله ما يلقى أصحابه، وكانوا كلهم قد تخلت قبائلهم عن حمايتهم، فمن كان منهم ذا بأس هابوه، ومن كان منهم مستضعفا حملوا عليه.
وهنا يرى الرسول رأيا، ويراه معه الذين استضعفوا أمرا، لقد رأى الرسول لهؤلاء أن يهاجروا إلى الحبشة بعد أن سمع عن النجاشى عدله وإنصافه، فخرج إلى الحبشة نفر من المسلمين، على ما فى هذه الرحلة من ألم الفراق ووعثاء الطريق وعذاب الغربة.
ولكن قريشا لم ترض لمسلم أن يقر آمنا، وإن كان على أرض غير أرضهم، فحين بلغهم أن المسلمين أصابوا بالحبشة دارا وقرارا بعثوا فى إثرهم رجلين من من رجالهم وحملوهما هدايا للنجاشى وبطارقته، وكاد الرجلان أن يكيدا للمسلمين عند النجاشى، ولكن النجاشى حين استمع لهما واستمع للمسلمين رد الرجلين خائبين وترك المسلمين آمنين.
ويسلم حمزة بن عبد المطلب، ويسلم عمر بن الخطاب، وكانا رجلى بأس