من المسلمين يريدون عيرا لقريش قافلة من الشام، وحين أدركوا العشيرة، وجدوا أن العير فاتتهم.
وبعد شهر خرجت سرية فى اثنى عشر رجلا تبغى نخلة، وهو مكان بين مكة والطائف، لترصد قريشا وتعرف ما عندها، غير أن تلك السرية التقت بعير لقريش فكان بينهما عدوان تورط فيه المسلمون وعادوا بغنائم وأسرى، وكانوا فى رجب، وهو شهر حرام، فعاتبهم الرسول عليها حين عادوا إليه.
ثم كانت غزوة بدر الثانية فى السابع عشر من رمضان فى السنة الثانية من الهجرة، وكانت بسبب تلك العير التى فاتت المسلمين فى العشيرة، وفيها كانت الحرب بين المسلمين والمشركين، وفيها انتصف المسلمون من المشركين على الرغم من قلة عدد المسلمين وكثرة عدد المشركين.
وبعد ليال سبع من مرجع المسلمين من بدر خرج الرسول يريد بنى سليم، وحين أحس بنو سليم بالمسلمين يطلبونهم ولوا هاربين.
وهكذا بدأت رهبة المسلمين تدب فى قلوب المشركين، وبعد أن كانوا قلة مستضعفين غدوا كثرة مرهوبين.
وهنا أحب أن أقف بك وقفة قصيرة، فالحديث عن هذه الغزوات والسرايا والبعوث ذو شقين، ينتهى شقه الأول إلى ما قبل بدر الثانية، ثم هو منذ بدر الثانية ذو شق آخر.
ولقد مر بك فى هذا الشق الأول عرض لكل ما كان فيه من هذه السرايا والبعوث والغزوات، ولقد رأيت فيها المسلمين قد شمروا لإثبات وجودهم وليظهروا فى مظهر القوى بعد أن عاشوا فى مظهر المستضعف، وأن ذلك كان منذ أن استقرت أقدامهم فى المدينة بقليل، وأنهم لم يلبثوا غير سبعة أشهر فى المدينة كان بعدها خروجهم لهذا الإعلان عن قوتهم.