للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَرْضِ

وسمى بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء فى البركة والمبارك ما فيه ذلك الخير، وقوله على ذلك: هذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ تنبيها على ما يفيض عليه من الخيرات الإلهية. وقال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ وقوله تعالى:

وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أي موضع الخيرات الإلهية، وقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ- رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً أي حيث يوجد الخير الإلهى، وقوله تعالى: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فبركة ماء السماء هى ما نبه عليه بقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ. وبقوله تعالى: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ولما كان الخير الإلهى من حيث لا يحس وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روى أنه لا ينقص مال من صدقة لا إلى النقصان المحسوس حسب ما قال بعض الخاسرين حيث قيل له ذلك فقال بينى وبينك الميزان. وقوله تعالى:

تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً فتنبيه على ما يفيضه علينا من نعمه بواسطة هذه البروج والنيرات المذكورة فى هذه الآية. وقوله تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ- تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ- تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ- فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ- تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ كل ذلك تنبيه على اختصاصه تعالى بالخيرات المذكورة مع ذكر تبارك.

(برم) : الإبرام إحكام الأمر، قال تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ وأصله من إبرام الحبل وهو ترديد فتله، قال الشاعر:

على كل حال من سحيل ومبرم

والبريم المبرم أي المفتول فتلا محكما، يقال أبرمته فبرم ولهذا قيل للبخيل الذي لا يدخل فى الميسر برم كما يقال للبخيل مغلول اليد. والمبرم الذي يلح ويشدد فى الأمر تشبيها بمبرم الحبل، والبرم كذلك، ويقال لمن يأكل تمرتين تمرتين برم لشدة ما يتناوله بعضه على بعض ولما كان البريم من الحبل قد يكون ذا لونين سمى كل ذى لونين به من جيش مختلط أسود وأبيض، ولغنم مختلط وغير ذلك، والبرمة فى الأصل هى القدر المبرمة وجمعها برام نحو حضرة وحضار، وجعل على بناء المفعول، نحو: ضحكة وهزأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>