فتنبيه أنه قد ظهر منهم الكفر ظهورا بان للحس فضلا عن الفهم، وكذا قوله تعالى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ وقوله تعالى:
هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أي هل تجد بحاستك أحدا منهم؟ وعبر عن الحركة بالحسيس والحس، قال تعالى: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها والحساس عبارة عن سوء الخلق وجعل على بناء زكام وسعال.
(حسب) : الحساب استعمال العدد، يقال حسبت أحسب حسابا وحسبانا قال تعالى: لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وقال تعالى:
وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً وقيل لا يعلم حسبانه إلا اللَّه.
وقال عزّ وجلّ: وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ قيل نارا وعذابا وإنما هو فى الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه
وفى الحديث أنه قال صلّى اللَّه عليه وسلّم فى الربح «اللهم لا تجعلها عذابا ولا حسبانا»
وقال: فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً إشارة إلى نحو ما روى: من نوقش فى الحساب معذب، وقال: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ نحو وَكَفى بِنا حاسِبِينَ وقوله عزّ وجلّ: وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ- إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فالهاء منها للوقف نحو: ماليه وسلطانيه وقوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ وقوله عزّ وجلّ: جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً فقد قيل كافيا وقيل ذلك إشارة إلى ما قال: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وقوله: يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ففيه أوجه. الأول: يعطيه أكثر مما يستحقه. والثاني: يعطيه ولا يأخذه منه والثالث يعطيه عطاء لا يمكن للبشر إحصاؤه كقول الشاعر:
عطاياه يحصى قبل إحصائها القطر
والرابع: يعطيه بلا مضايقة من قولهم حاسبته إذا ضايقته. والخامس:
يعطيه أكثر مما يحسبه. والسادس: أن يعطيه بحسب ما يعرفه من مصلحته لا على حسب حسابهم وذلك نحو ما نبه عليه بقوله تعالى: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ الآية. والسابع: يعطى المؤمن ولا يحاسبه عليه، ووجه ذلك أن المؤمن لا يأخذ من الدنيا إلا قدر ما يجب وكما يجب وفى وقت ما يجب ولا ينفق إلا كذلك ويحاسب نفسه فلا يحاسبه اللَّه حسابا يضره كما
روى «من حاسب نفسه فى الدنيا لم يحاسبه اللَّه يوم القيامة»