قال بعضهم كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء وبالإضافة إلى ما فوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض، وحمل على هذا قوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وسمى المطر سماء لخروجه منها، قال بعضهم: إنما سمى سماء ما لم يقع بالأرض اعتبارا بما تقدم وسمى النبات سماء إما لكونه من المطر الذي هو سماء وإما لارتفاعه عن الأرض. والسماء المقابل للأرض مؤنث وقد يذكر ويستعمل للواحد والجمع لقوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ وقد يقال فى جمعها سموات قال: خَلْقِ السَّماواتِ- قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وقال:
السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ فذكر وقال: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ- إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ فأنث ووجه ذلك أنها كالنخل فى الشجر وما يجرى مجراه من أسماء الجنس الذي يذكر ويؤنث ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع، والسماء الذي هو المطر يذكر ويجمع على أسمية. والسماوة الشخص العالي، قال الشاعر:
سماوة الهلال حتى احقوقفا
وسمالى: شخص، وسما الفحل على الشول سماوة لتخلله إياها، والاسم ما يعرف به ذات الشيء وأصله سمو بدلالة قولهم أسماء وسمى وأصله من السمو وهو الذي به رفع ذكر المسمى فيعرف به قال:(باسم الله) وقال: ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ أي الألفاظ والمعاني مفرداتها ومركباتها. وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين، أحدهما:
بحسب الوضع الاصطلاحي وذلك هو فى المخبر عنه نحو رجل وفرس، والثاني:
بحسب الوضع الأولى ويقال ذلك للأنواع الثلاثة المخبر عنه والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف وهذا هو المراد بالآية لأن آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل والحرف ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارفا لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته. ألا ترى أنا لو علمنا أسامى أشياء بالهندية أو بالرومية ولم نعرف صورة ماله تلك الأسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الأسماء المجردة بل كنا عارفين بأصوات مجردة فثبت أن معرفة الأسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى وحصول صورته فى الضمير، فإذا المراد بقوله:
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها الأنواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات فى ذواتها وقوله: ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها فمعناه أن الأسماء التي تذكرونها ليس لها مسميات وإنما هى أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون