فالذين أخطئوا فيهما مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذاهب باطلة وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على رأيهم، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لا فى رأيهم ولا فى تفسيرهم، فإن من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا، لأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله.
وأما الذين أخطئوا فى الدليل لا فى المدلول كمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء يفسرون القرآن بمعان صحيحة فى نفسها لكن القرآن لا يدل عليها، فإن كان فيما ذكروه معان باطلة دخل فى القسم الأول.
وللناظر فى القرآن لطلب التفسير مآخذ كثيرة، أمهاتها أربعة:
الأول: النقل عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وهذا هو الطراز المعلم، لكن يجب الحذر من الضعيف منه والموضوع فإنه كثير، ولهذا قال أحمد: ثلاث كتب لا أصل لها: المغازي، والملاحم، والتفسير: يعنى أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة، وإلا فقد صح من ذلك كثير كتفسير الظلم بالشرك فى آية الأنعام، والحساب اليسير بالعرض، والقوة بالرمي فى قوله: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.
الثاني: الأخذ بقول الصحابي، فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
وفى الرجوع إلى قول التابعي روايتان، واختار ابن عقيل المنع، لكن عمل المفسرين على خلافه، فقد حكوا فى كتبهم أقوالهم لأن غالبها تلقوها من الصحابة، وربما يحكى عنهم عبارات مختلفة الألفاظ فيظن من لا فهم عنده أن ذلك اختلاف محقق فيحكيه أقوالا وليس كذلك، بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى من الآية لكونه أظهر عنده أو أليق بحال السائل.