وقد يكون بعضهم يخبر عن الشيء يلازمه ونظيره والآخر بمقصوده وثمرته، والكل يؤول إلى معنى واحد غالبا.
فإن لم يمكن الجمع فالمتأخر من القولين عن الشخص الواحد مقدم إن استويا فى الصحة عنه، وإلا فالصحيح المقدم.
الثالث: الأخذ بمطلق اللغة، فإن القرآن نزل بلسان عربىّ، وهذا قد ذكره جماعة ونص عليه أحمد فى مواضع.
لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنه سئل عن القرآن يمثل له الرجل ببيت من الشعر فقال: ما يعجبنى، فقيل: ظاهره المنع. ولهذا قال بعضهم فى جواز تفسير القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد.
وقيل: الكراهة تحمل على من صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب، ولا يوجد غالبا إلا فى الشعر ونحوه ويكون المتبادر خلافها.
وعن مالك قال: لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا.
الرابع: التفسير بالمقتضى من معنى الكلام والمقتضب من قوّة الشرع، وهذا هو الذي
دعا به النّبى صلّى الله عليه وآله وسلم لابن عباس حيث قال: اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل
،
والذي عناه علىّ بقوله: إلا فهما يؤتاه الرجل فى القرآن.
ومن هنا اختلف الصحابة فى معنى الآية، فأخذ كل برأيه على منتهى نظره. ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأى والاجتهاد من غير أصل، قال تعالى:
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ وقال: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وقال: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ أضاف البيان إليه.
وقال صلّى الله عليه وآله وسلم: «من تكلم فى القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» .
وقال: «من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» .
وتأويله أن من تكلم فى القرآن بمجرد رأيه ولم يعرج على سوى لفظه وأصاب الحق فقد أخطأ الطريق وإصابته اتفاق، إذ الغرض أنه مجرد رأى لا شاهد له،
وفى الحديث: «القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه»
، فقوله: ذللول: يحتمل معنيين: